نوفيلا سمرا




سليمان المنوفي قدم من بلدته الصغيرة في المنوفية لقاهرة المعز حاملا معه ما كسبه من بيع إرثه من والده حسن المنوفي ،قيراطان زراعيان دخلا كردون المباني فباعهما و لم يقترب من ذلك الفدان الذي يعد من أجود الاراضي ،و يقع بجوار أرض العمدة جاد ياسين ، در القيراطان علي سليمان مبلغا كبيرا جدا وقتها تتساءلون بالتأكيد لم ترك المنوفية و نزل للقاهرة
فعلها بحثا عن الانجاب بعد مرور فتره خمسة سنوات علي عدم انجابه من زوجته سكينه كان حلم حياته أن يكون له نسل من حبيبته ،فأشار عليهما العمدة جاد الذي كان صديقا لسليمان بالنزول للقاهرة فمجال الطب هناك أوسع و أرحب
ما كان سليمان ليترك بابا الا و يطرقه فهو يتوق للإنجاب من سكينه و لم يستمع أبدا لمن قال له اتركها و تزوج غيرها كان يحبها جدا و عندما نزل القاهرة ووجد أن طريق العلاج سيطول فضل المكوث في القاهرة اشتري منزلا بأسفله دكان و اتخذ من المنزل سكنا و افتتح في الدكان بقالة لخدمة المنطقة ،
المنزل كان منزلا قديما يتكون من بدروم و دكان و دور أول به شقه كبيره و دور ثاني و السطوح
سكن في البدروم هريدي الصعيدي الذي كان يعمل بالمعمار و زوجته هنيه و أولادهم ، و سكن سليمان و سكينه بالدور الاول ، و الدور الثاني سكن به سالم المنجد ونعمات الدلالة زوجته وولدها صلاح ، أما السطوح فكان به غرفه للشيخ مغاوري ،و الباقي تربي فيه الطيور
بعد معاناة طويله كتب الله لسكينه الانجاب ورزقه الله بفتاه أسماها سمرا لفرحته الشديدة بمقدمها و كانت سمرا اسما علي مسمي فتاة سمراء البشرة جدا ورثت عن والدها سماره و عن والدتها دمها الخفيف.
لم تسلم سمرا من ألسنة الناس منذ كانت في مهدها مع أن ملامح سمرا كانت جميله و مريحه و من يراها تدخل قلبه من أول وهلة إلا أنهم كانوا يعيرونها بلون بشرتها ، عاشت سمرا في كنف والديها المحبين لها أيما محبه لم يدخر سليمان جهدا أبدا في تلبية مطالب زوجته و ابنته و كان دائم الزيارة للعمدة جاد صديقه العزيز لكن سكينه و سمرا لم تكونا تذهبان معه فسكينه تعلقت بصخب القاهرة و بنعمات تقريبا لم تكونا لتفترقا اصبحتا صديقتين عزيزتين جدا و مقربتين من بعضهما
مرت الايام عاديه عندما بلغت سمرا السادسة توفي سالم المنجد و بقيت نعمات وحيده مع ابنها صلاح الذي كانت سمرا تمقته بشدة صلاح كان دائما ما يضايقها و يعيرها بسمارها لم يكن يناديها إلا بالسوداء و دائما ما كان يعترض طريقها عند صعودها لإطعام الطيور و كان سليمان يؤنبه علي ذلك و يدعي البراءة
نعمات كانت ملازمه لسكينه دائما ،تأخذ جوله علي المنطقة للدلالة ثم ترابض في منزل سليمان ولا تغادره إلا علي موعد النوم ،و في كثير من الاحيان كانت تتناول الطعام معهم فهي علي حد قولها لا تحب تناول الطعام مع ابنها وحيدين ،
لم تكن سمرا ترتاح لها ابدا وسكينه دائما ما كانت تؤنبنها علي ذلك
” يا ابنتي إنها سيده طيبه “
“يا أمي لا أحبها “
” لا يهم المهم أن تعامليها هي و ابنها معاملة طيبه “
بعد مده بدأت سكينه تمرض و قواها تخور من أي مجهود فلازمتها نعمات أكثر و أكثر حتي أن سليمان طلب منها أن تتوقف عن الدلالة و سيعطيها هو ما يكفيها لكي تظل مع سكينه لتعتني بها أيام تمضي وأوقات تمر و سكينه يشتد عليها المرض لم يقصر سليمان معها أبدا و كيف يقصر معها و هي حبة العين و رفيقة الدرب و هي التي لم يهوي قلبه سواها ذهب بها لكل الاطباء لم يعرف أحد علتها قال بعضهم اجهاد و البعض قال ربما ميكروب بالمعدة و تعددت الآراء حتي أقسمت سكينه أنها لن تذهب لطبيب آخر أبدا فالشافي هو الله و إن كان أمر الله و قدرها أن تموت فهي لا تريد الموت إلا علي فراشها في منزلها بجوار أحبائها
زاد الوهن علي سكينه إلي أن توفت
كان يوما كئيبا سمرا كانت بالمدرسة فسكينه كانت تصر علي تعليمها خاصة أن سمرا كانت متفوقه و كان هذا الشيء الوحيد الذي لم تكن سكينه تستمع لنعمات فيه ، كان رأي نعمات أن تجلس سمرا بالمنزل فلا تعليم للبنات فمصيرها بيت زوجها ، أما سكينه فكانت تري أن ابنتها سمرا ستكون طبيبه مشهوره
كانت سمرا بالصف الثالث الاعدادي عادت من مدرستها :ان آخر يوم لها بالمدرسة عادت سعيدة فلقد أجابت اجابات ممتازة في الامتحان طرقت الباب ليأتيها صوت نعمات من الداخل
” صبرا صبرا يا من علي الباب ، أأجلس أنا وراءه ما بك “
” لا تؤاخذيني خالة نعمات فأنا سعيدة ، الامتحان كان سهلا و أجبت إجابات كاملة و لم أترك و لا سؤالا واحدا “
قالت بحسره و لكنها تظهر الفرح ” وفقك الله يا ابنتي ، ابلغي والدتك ، عل قلبها يفرح بك “
دخلت سمرا لغرفة والدتها لتبلغها ، وجدتها كالعادة ممده في فراشها اقتربت سمرا منها ” أمي ، لقد انهيت الامتحانات أخيرا ، و كان الامتحان سهلا “
لم تجد ردا حاولت ايقاظها و لا مجيب وجدت كفه يديها التي تحتضنها بارده جد و كذلك جسدها علمت سمرا أنها قد توفت لكنها أبت أن تصدق ذلك ظلت ممسكة بيد والدتها و تنادي بهدوء ” أمي ، استيقظي ، الامتحان انتهي ، أمي لقد أبليت حسنا “
أخذت تكررها في غير وعي ، دخلت نعمات و ما أن نظرت لسكينه و سمرا حتي أخذت تولول و تصرخ و صوتها يعلو إلي أن التم الجيران و صعد سليمان و سمرا ما زالت علي حالها ممسكه بكف والدتها و صامته احتضنها والدها و ابعدها عن جسد سكينه المسجى و أخرجها من الغرفة لتباشر النسوة عملهم لتجهيز سكينه للدفن ، أخذت نعمات سمرا من يد والدها
” و هل ستجلس معك في عزاء الرجال ، مكانها هنا مع النساء “
دفنت سكينه و سمرا علي حالها ساهمة في دنيا غير الدنيا لم تستوعب شيئا لم تبك لم تصرخ ، الكل حولها لكنها تحس أنها لوحدها ، تريد حضن أمها إنه ذلك المكان حيث تنتمي حيث تشعر بالحياة ، وقفت من جلستها وسط النسوة
” إلي أين ؟ هل أحضر لك شيئا ” قالتها نعمات لكن سمرا لم تكن تسمعها سارت لغرفة أمها منعتها نعمات من الدخول ، قاومتها سمرا ، صرخت نعمات ، جاءت النسوة أمسكن سمرا ، تعبت سمرا من مقاومتهن ثم صرخت ، صرخت بكل ما أوتيت من قوه أماااااااااااه ، أماااااااااه ، انجديني أين أنت ، و أخذت تصرخ و تصرخ و تصرخ ضمتها نعمات بقوة الي صدرها
” ابك بنيتي ، أخرجي ما بقلبك يا صغيره “
ظلت سمرا تصرخ حتي فقدت وعيها ، حملتها النسوة لغرفتها ، أفاقت و استمرت بالصراخ ، أرسلوا في طلب طبيب، جاء الطبيب أعطاه حقنه مهدئه ، فصمتت و راحت في نوم عميق ، فتركنها في غرفتها .

الفصل الثاني

((2))
أنهي سليمان مراسم تلقي العزاء و صعد مع صلاح لتخبره نعمات بحال سمرا و أنها في غرفتها
” قلبي يتمزق علي هذه الصغيرة ، لقد ظلت تبك و تصرخ حتي فقدت وعيها ، إنها نائمة الآن يا حج سليمان ، لو احتجتم أي شيء فقط نادوا علينا ، نحن أهل ، سأنزل في الصباح الباكر “
دخل سليمان شقته ، أغلق بابه ، يا الله لكم تبدو الشقة موحشة بدون أنفاس سكينه ، دخل غرفته و تحسس موضع نومها ، آه يا سكينة القلب و الروح رحلت و تركتني في الدنيا وحيدا بدون رفقتك ، بدون بسمتك ، كان يكفيني أنفاسك التي تتردد في المنزل حتي لو كنتي لا تقوين علي الحركة ، ترك سليمان الغرفة ، لم يحتمل أن ينام فيها و سكينة لا تؤنسه علي سريره ، دخل لغرفة ابنته ليطمئن عليها ، و جدها تنام في هدوء ، فأغلق باب الغرفة و جلس علي الأريكة بالصالة يقرأ القرآن علي روح فقيدته الغالية حتي غلبه النعاس .
في الصباح جاءت نعمات وولدها و بدأ المعزون في الوصول ،
استيقظت سمرا ، جلست علي سريرها ، أخذت تتذكر ما حدث ، و دموعها تنهمر انهمارا ، دخلت نعمات ، احتضنتها
“نحن بجوارك يا سمرا ، لا تحملي هما يا صغيرتي “
مرت أيام العزاء و نعمات لا تفارق سمرا الا علي النوم فجموع المعزين تتوافد علي المنزل ، و نعمات تعرف كل شيء فالمنزل في ادارتها منذ فترة طويله و هي من كانت تسيره ، انشغل سليمان في دكانه و كان يترك سمرا مع نعمات .
جاءه الشيخ مغاوري
” كيف حالك يا سليمان “
” نحمد الله يا شيخنا “
” هل يعجبك حالك يا سليمان “
“و ما به حالي يا شيخ مغاوري “
” أنا أراك لا ترتاح منذ موت زوجتك إنك حتي لا تغلق الدكان لفترة الغداء و تنام قليلا أمامه علي الاريكة “
” أنا لا اريد الصعود للأعلى فنعمات تجلس مع سمرا ، و لا أريد أن ابعدها عنها ، الفتاه تفتقد أمها كثيرا ، و نعمات تعوضها ، و لا يصح أن أصعد و نعمات بالأعلى ، فأنتظر صلاح لينهي عمله بالورشة و نصعد سويا “
“من أجل هذا أتحدث ، نعمات هي من تسير أمور المنزل منذ أن مرضت المرحومة سكينه ، و سمرا تدرس ، من سيعتني بكم الآن ، و كما قلت أنت لا يصح أن تجتمع و نعمات في مكان واحد |
” إلام ترمي يا شيخنا ، أفصح “
” أنت تعرف إلام أرمي يا سليمان “
” و لكن يا شيخنا “
” يا سليمان أنت لا ترض أن يلوك الناس سيرة نعمات ، و هي لم تفعل لكم سوي كل خير ، و لقد حملت زوجتك في مرضها ، و اعتنت بها ، أيكون جزاؤها أن يلوك سيرتها هذا أو ذاك ، أترضاها لا يا سليمان “
” لا و الله يا شيخنا ، لا أرضاها لها أبدا ، و لكن “
“ليس فيها من لكن يا سليمان ، اعقد علي نعمات ، فتصون سيرتها ، و تجزءها خيرا علي صنيعها معك و مع ابنتك ، و ترتاح أنت ، ستصعد منزلك كيفما اردت ، و لا تحرم ابنتك من حضن نعمات ، و صلاح يعمل طوال النهار في الورشة و لا يصعد الا علي النوم يده بيدك ينزل معك و يصعد معك فلا خوف منه علي ابنتك “
” و هل ستتقبل سمرا هذا “
” يا ولدي لم يبق لسمرا من حضن يحتويها سوي نعمات ، و سأحدثها أنا في هذا الشأن و هي تستمع لكلامي “
” حسنا شيخنا ، كما تري “
أخذ الشيخ مغاوري علي عاتقه مهمه جمع شمل نعمات و سليمان
حدث سمرا في الأمر و اقنعها به و حدث صلاح و نعمات
و تم العقد في هدوء و اصبحت نعمات هي سيدة المنزل ،
نقل سرير سكينه لغرفة سمرا فلم يكن سليمان ليقبل أن تنام امرأه أخري علي فراش سكينته ، و أحضر سريرا جديدا لنعمات
بعد اختلاء سليمان بنعمات في غرفتهم
نام سليمان مباشره و لم يقربها ، كان يتعامل معها كما كان في حياة سكينه لم يزد شيئا إلا أنها تنام بجاوره ليلا ،
و في معظم الأحيان كان يترك لها السرير و ينام علي الاريكة أو يفترش الأرض ، لم يكن ليقرب أنثي أبدا بعد سكينه .
مرت ايامنا
ألمحت نعمات لسليمان أنها تريد تزويج سمرا لصلاح لكنه رفض
” سمرا ستكمل تعليمها لتصير طبيه بإذن الله كما كانت تريد سكينه”
“و لكن “
” لا لكن يا نعمات ، هذا موضوع غير قابل للنقاش “
ظل سليمان علي حاله لا يقرب نعمات مع أن نعمات لم تكن تألو جهدا لتقربه منها و لتغويه لكنه كان كالصخر الجلمود لم تكن مشاعره تتحرك ناحيتها ابدا
بدأ المرض يتملك سليمان أعراض كتلك التي انتابت سكينه قبل موتها ، بدأ في الهزال و فقد قوته
سمرا كانت حزينة علي والدها و تخشي فقده هو الاخر ، و نعمات تعاملها بكل رقة و لين ، و لا تدعها تحمل الياسمينة كما يقال
” ذاكري فقط ادرسي لتصيري طبيبه و تحققين حلم والدتك ووالدك”
” فليبارك الله فيكي خالتي نعمات ، لا أدري كيف كانت حياتنا ستسير بدونك “
ازداد مرض سليمان و فقد القوة علي الوقوف علي قدميه و رقد في المنزل ، كما رقدت زوجته من قبله
استيقظت سمرا علي صراخ وولولة نعمات لتخرج من غرفتها مسرعة لتجد نعمات و صلاح بجوار والدها و صلاح يغطي وجه والدها تسمرت سمرا في مكانها ووضعت يديها علي فمها مانعة نفسها من الصراخ و أخذت تهز راسها يمنة و يسرة في عدم تصديق لما تراه ، لقد فقدته ، مات سليمان ، مات سندها ، جلست في مكانها تبكي و تبكي و تبكي حملتها النسوة لغرفتها و تركوها هناك و حيدة كما ستكون في ايامها المقبلة.

الفصل الثالث
((3))
انتهت ايام العزاء و بدأت معاناة سمرا
” استيقظي ، هيا ، أستنامين اليوم بطوله “
فركت سمرا عينيها لتجد نعمات أمامها
” صباح الخير خاله نعمات “
” خير و من أين سيأتي الخير ، و أنت نائمة هكذا “
” اليوم الجمعه ، لا مدرسة لدي “
لتضحك نعمات ضحكه طويلة ” مدرسة ، لا مدرسة يا حلوتي ، أيام الانفلات انتهت “
لتتسع عيني سمرا من دهشتها من كلام نعمات و طريقتها
” ماذا تقولين خاله نعمات “
” ما سمعته يا حلوه ، انسي المدرسه ، لن أتركك تروحين و تأتين و الحجه المدرسة ، لتجلبي لي العار ، من اليوم ستعملين في المنزل ، و تتعلمين كل شيء ، فستكونين زوجة لصلاح “
” زوجة لصلاح ، يبدو أنك تهذين خاله نعمات “
” أنا أهذي ، يا عديمة الأدب “
و هوت بصفعة قويه علي وجه سمرا
” تعال يا صلاح ، تعال يا ولدي ، أعط عديمه الادب هذه درسا عن كيفية معاملة أمك “
ليدخل صلاح الغرفة كما الطاووس ناظرا لسمرا التي تضع يدها علي خدها مكان الصفعة و يقترب منها
” ماذا حدث يا سمرا “
” لم أفعل شيئا ، خاله نعمات تريد منعي من المدرسة ، و تريد أن تزوجني بك “
” هذا صحيح و هذا ما سيحدث ، صحيح أنك سوداء ، لكني سأقبل بك و أتزوجك ، رأفة بك “
” أنا لن أتزوجك أبدا يا صلاح ، سأكمل تعليمي لأصير طبيبة ، كما حلمت أمي و كما أراد ابي “
“أنت قلتها مجرد حلم يا سمرا ، أنا الواقع ستكونين لي ، أنا سأصبح زوجك “
ردت بحدة ” لن يحدث هذا ابدا “
فكانت الصفعة الثانية و لكنها هذه المرة من صلاح
” هذه الفتاة تدللت بما يكفي ، أريدها ان تتعلم كل شيء أمي ، يكفيك تعبا و شقاءا في خدمتها “
و تركهم و غادر
” هيا و رائي علي المطبخ لتعدي الغداء “
قالت باكيه ” أي غداء ، أنا لا أعرف أي شيء “
” سأعلمك “
مرت الايام وسمرا تعمل في المنزل كالخادمة تعلمها نعمات اعداد كل شيء لا بالأدب و اللين بل بالصفع و الركل و طول اللسان و اقذع الالفاظ حتي الطعام لم تكن تسمح لها نعمات إلا بالقليل منه
في أحد الأيام أتي العمدة جاد ليزورها و يطمئن عليها قابل صلاح بالأسفل فأرسل صلاح لنعمات من يخبرها
“يا الله كنت أتمني رؤيته منذ زمن “
فناولتها نعمات كوبا من العصير
” اشربي هذا ليتورد وجهك و لا يقول علينا لا نحسن معاملتك “
شربت سمرا العصير و أحست بدوار فأسندت رأسها علي السرير و لم تشعر بنفسها الا في الصباح و نعمات توقظها
” ما هذا هل نحن في الصباح “
” نعم و متي سنكون “
“و لكن عمي العمدة جاد “
“جاء البارحة و تركتك تبدلي ملابسك وجدتك نائمه ، لم أشأ أن أوقظك ، كنتي تعبه “
بكت سمرا كانت تتمنى لقاءه
” هل سنظل نبكي طوال النهار هيا أمامنا عمل كثير”
تعلمت سمرا كل شيء و أصبحت سيدة منزل لا غبار عليها
حاول الشيخ مغاوري محادثه نعمات لتعيد سمرا للدراسة لكنها رفضت بحجة أن سمرا لم تعد ترغب في الدراسة
و نبهت علي سمرا بأن تقول هذا و إلا طردتها للشارع
” والدك كتب لي كل شيء و أنا المتصرفة في الدكان و الأرض ، إما أن تكوني في طوعي و إما أن أتركك في الطريق للكلاب تنهش لحمك “
عاود صلاح مفاتحة سمرا في أمر الزواج منها لكنها رفضت
” أنا هنا أصبحت كخادمتكم و لم أخالفكما في شيء ، لا تجبراني علي الزواج “
“كما تريدين سمرا ، لكن تذكري أني طلبته بالرضا ، و أنك رفضتي”
في ذلك اليوم أصرت نعمات عليها أن تشرب كوب من اللبن قبل أن تنام تعجبت سمرا
” بدأ وزنك يقل ، لا أريد أن يتندر علي الجيران ، أغذيك علي أكسب فيكي ثوابا “
تناولت اللبن و نامت ، استيقظت في الصباح تعبة جدا و تحس بآلام شديده في جسدها أرجعت ذلك لإجهادها في المنزل
استمرت علي هذا المنوال شهرا كاملا تعمل بلا كلل بالنهار و تعطيها نعمات كوب اللبن بالليل و تنام خفت الآلام التي كانت تحسها قليلا و لم تكن تلقي بالا لتلك العلامات التي تجدها في أماكن متفرقه من جسدها كانت تظنها كدمات فنعمات لا تكف عن وكزها أو صفعها إن تأخرت في آداء عمل ما كلفتها به
و في يوم استيقظت تشعر بألم في معدتها و لم يستقر الطعام أبدا فيها تقيأت عدة مرات الي أن جاء صلاح ليلا
و استمرت في القيئ

الفصل الرابع
(4))
نظرت نعمات لصلاح نظره لم تفهمها سمرا ثم قالت
” يبدوا أنه حدث يا صلاح ، سأفرح بذريتك “
” أأنت متأكده “
” نعم ، إنها هكذا منذ الصباح “
” اذن يجب أن نعلن الخبر و نعقد ، لا نريد أن يقول الناس ابن صلاح ابن حرام “
كانت سمرا تسمع الحديث و هي خارجه من دورة المياه و لا تفهم شيئا
” هل ستتزوج يا صلاح”
“نعم “
فرحت سمرا ظنته سيتركها في حالها
” مبارك عليك ، من العروس ، هل أحد نعرفه ؟”
” بالطبع “
“من “
“أنت “
“أنا ، يا صلاح لا أريد الزواج “
فعقد ذراعيه أمام صدره قائلا ” كما تريدين ، إن لم نتزوج لن أعترف بالطفل في بطنك ، و سأقول أنك خاطئه ، و ساعتها سيكون من حقي أن أغسل عاري و أقتلك “
ردت و هي لا تفهم ” أي طفل في بطن من ؟”
فضحكت نعمات و اقتربت منها مربتة علي بطنها ” الطفل في بطنك يا حلوتي ، أنت حامل “
صعقت سمرا ” أنا حامل ، و كيف ذلك ؟، من الهواء “
فابتسم صلاح ” لا مني ، اللبن الذي تشربينه كل يوم به منوم ، منذ شهر ، أتذكرين يوم طلبت منك بهدوء الزواج بي و رفضتي ، من يومها وأنا معك “
جلست سمرا علي الارض من صدمتها تحدث نفسها ” من شهر ، الأوجاع ،…..العلامات …..”
فضحك ” نعم أنا سبب الاوجاع و العلامات ، و الآن سيأتي الشيخ مغاوري ليعقد لنا غدا “
ظلت تبكي طوال الليل و لم يغمض لها جفن
في الظهيرة جاء مغاوري و عقد عليها
في المساء دخلت غرفتها لتنام فدخل ورائها صلاح فارتعبت
” ما بك ، أنتِ الان زوجتي رسميا ، و ما كان يحدث في نومك سيحدث الان برضاكِ “
“ارجوك صلاح ،ابتعد عني أنا تعبة جدا “
” لا يهمني “
و اغتالها صلاح هذه المرة و هي بكامل وعيها لكن سمرا قاومته مقاومة شرسة فما كان منه إلا أن زاد في وحشيته و أخذ ما يريده ثم انهال عليها ضربا و ركلا
“أنا لا تقولين لي لا ، آخذك متي أردت “
لم يتوقف عن ضربها الا بعد أن رأي الدماء تسيل علي قدميها
نادي علي أمه ،دخلت نعمات و سمرا تحاول مدارة نفسها فنزعت نعمات الملاءة من يديها و قالت لصلاح
” لم يكن من داع للعنف هكذا يا صلاح ، لقد فقدت الجنين ، قومي معي “
جرتها ورائها للحمام و أمرتها بالاغتسال و تبديل ملابسها و اصطحبتها لطبيب تعرفه أوقف النزيف
” تمهل عليها يا صلاح ، الفتاة ضعيفة” هكذا قال الطبيب
عادت للمنزل و دخلت غرفتها لتجد صلاح ورائها فارتدت خوفا منه للحائط
” لا تخافي ، لأن ألمسك الليلة ، سأعطيك راحه أسبوع ، كما أمر الطبيب “
و مر الاسبوع بسلام و فور انتهائه عاد صلاح يراودها و هي تابي الخضوع فما كان منه الا أن ضربها بالحزام حتي أدماها
مرت الايام عليها هكذا الي أن سمعتهما يتحدثان في يوم من الايام
” ألم تمل منها بعد يا صلاح “
“لا يا أمي “
” إنها لا تسلمك نفسها برضاها أبدا يا ولدي ، يجب أن تضع لها المنوم لتنالها “
” لا يهم ، إنها تعجبني “
“لا أدري ما يعجبك في تلك السوداء “
” إن بها مغناطيس ، يجعلني لا أود مفارقتها ، آه لو توافق علي أن أنالها بالرضا “
” عندما تمل منها ، أخبرني لنتخلص منها كما فعلنا بأبيها و أمها و نزوجك غيرها تنالها بالرضا “
فضحك صلاح ” أنال الكثيرات بالرضا ، هل تظنين أني أتمتع بها فقط ، أنا كل أسبوع لي فتاة “
صعقت سمرا من ما سمعته كيف قتلت نعمات والدها ووالدتها
فخرجت لها ” أنت قتلتهما “
ردت نعمات ببرود ” نعم ، بعد موت زوجي وضعت عيناي علي والدك ، و سممت والدتك بالبطيء بدم الحيض ليكون والدك لي ، لكنه رفضني ، حتي بعد زواجنا لم يقربني أبدا ، فكان يجب أن أتخلص منه لأرثه و يكون كل شيء لي ، ولن أتورع عن قتلك أنت أيضا ، و الان انصرفي من أمامي ، انتظري خذي المنوم “
” لن آخذ شيئا لقد سئمت منكم “
فقال صلاح بهدوء ” ستأخذين المنوم برضاكِ أو آخذك أنا “
تناولت المنوم و دخلت غرفتها ليستبيحها صلاح بعد نومها
كانت سمرا تدعوا الله أن يخلصها مما هي فيه طوال النهار و هي تدعوه.

الفصل الخامس و الختام
((5))
يوم أن أكملت عامها الحادي و العشرين مرضت نعمات و كان صلاح في المنزل
طلبت منها نعمات أن تنزل لشراء الطلبات و تحضر لها خلطة مخصوصه لبرد العظام من العطار في الشارع الرئيسي
أخبرتها سمرا أنها ايضا تشعر بتعب في جسدها فلقد أجهضت منذ أيام قليله بفعل ضرب صلاح لها
” لا يهمني المهم أنا “
“فلينزل صلاح “
فصفعها علي وجهها ” تريدين أن أخدمك أيتها السوداء ، هيا اذهبي و اشتري ما طلبته أمي “
نزلت سمرا و هي تحسبن و تحوقل و تدعو الله أن يكتب نهاية لآلامها و عذابها ، اشترت ما تريد نعمات و بينما هي علي مدخل شارعهم اذ بالبيت يرتج و يقع دكا علي من فيه سقطت الاكياس منها و جرت خوفا علي الشيخ مغاوري و هريدي و أولاده لكنها وجدتهم جميعا فلقد استطاعوا الهرب من المنزل و لم يكن “بالمنزل سوي صلاح و نعمات
سجدت سمرا شكرا لله و أخذت تحمد الله لقد انتقم الله لها و أذاقهما العذاب علي أعمالهما في الدنيا قبل الآخرة
مكثت سمرا لدي الجيران و اقيم العزاء لنعمات وولدها اللذان أخرجت جثتيهما من تحت الانقاض مسحوقه
اخرج رجال الانقاذ صندوقا عاجيا عرفته سمرا فهو صندوق والدها و كان به ذهب والدتها سكينه و أوراق المنزل و الفدان لتكتشف سمرا أن والدها كتب كل شيء باسمها هي
قررت سمرا أن تذهب لبلدة والدها ستبيع بعضا من ذهب والدتها و تشتري ما تحتاجه ثم تسافر و بينما هي تفكر في ذلك و جدت من يسأل عنها
” هل أنت مالكة أرض المنزل الذي تهدم “
“نعم “
” أنا مدير أعمال السيد أحمد محسن رجل الاعمال المعروف “
“أهلا وسهلا ، كيف أخدمك ؟”
” نريد شراء الأرض “
باعت سمرا الأرض بمبلغ خرافي و أعطت جزءا من النقود لهريدي و للشيخ مغاوري تعويضا لهما و ليستطيعا ايجاد مسكن لهما ووضعت الباقي في حساب بالبنك و قررت الذهاب لبلدة أبيها
نزلت البلدة و سألت علي منزل العمدة الذي تهللت اساريره و أسارير زوجته ما أن علما من تكون و صمما أن تقيم معهما
حكت لهما سمرا ما حدث معها منذ وفاة والدتها
” و علام تنوين بنيتي “
” سأكمل تعليمي ، لأصبح طبيبة كما كان يحلم والدي”
” و أين ستمكثين “
” سأستأجر منزلا هنا ، لقد أحسست براحة كبيره هنا “
” أتسبينني يا سمرا “
“لم يا عمي جاد “
” تستأجرين و بيتي مفتوح “
“لا أريد أن اثقل عليك ، أو أقل راحتكم “
” أقسم بالله لا إقامة لك إلا في منزلي ، أرعاكِ و أهتم بك، أنا لا أولاد لي إلا معتز ، و معتز يدرس بالخارج ، ستكونين علي راحتك “
و قد كان أقامت سمرا لدي العمدة و اعتبرها كابنته و دخلت كلية الطب و ظلت علي تواصل مع جيرانها في القاهرة و دائما ما تسأل عن أحوالهم و تودهم
ذهبت في زيارة لهم لتحضر فرح ابنة هريدي و ظلت هناك اسبوعا في هذا الاسبوع عاد معتز من الخارج علمت بذلك كانت في توق لأن تري معتز فمعتز كان يكره التصوير جدا و لم تجد له الا صورا و هو صغير و كان منشغلا في دراسته جدا فتخصصه بالطب النووي حتي أنه لم يكن يحدثهم بالسكايب فقط بالهاتف و لدقائق قليلة ، كانت في شوق لتراه من كثرة ما سمعت عنه و عن أخلاقة و صفاته الحسنة
و قررت أنها ستترك منزل العمدة ما دام معتز قد قدم من سفره
عادت للبلدة و أخذت تبحث بعينيها عنه فعلمت أنه في جولة بالبلدة فاستأذنت من العمدة لتطل علي أرضها فأذن لها و بينما هي تتمشي في الارض تجاوزت أرضها و أصبحت في أرض العمدة و هي شاردة في كيف ستفاتح العمدة لتترك منزله و في أمنيتها بأن تري معتز اذ بحصان لا تدري من أين ظهر كاد يصدمها و اختل توازنها و سقطت فأوقف من كان يمتطي الحصان حصانه و نزل مسرعا
” هل أنت بخير لقد نادت و نبهت عدة مرات لكنك لم تسمعيني “
و انحني عليها ليساعدها علي الوقوف أمسك يدها و تسمر أمامها وقف الزمن لهما لا يدريان ما حدث مد يده لها فتمالك نفسها و ابعدت يده
” شكرا “
” لا شكر علي واجب ، كنت أريد المساعدة “
“تريد المساعدة ، لا تسرع بحصانك في أرض ليست أرضك “
فضحك ” و أرض من اذن “
فردت ” أرض أبي “
فنظر بتعجب ” أبيكِ ، و هل أنت ابنة العمدة “
” في مقام ابنته و البلدة كلها تعرفني “
نظر لها بإعجاب شديد ” هل أنت سمرا “
قالت ” لا شأن لك “
فقال باسما ” بل هو شأني ، اذا كنت ابنة العمدة هذا معناه أنكِ أختي “
فنظرت له ” يا الله هل أنت معتز “
فضحك مقلدا اياها “لا شأن لك “
رافق ذلك مجئ العمدة مارا علي الأرض ” أنتم هنا ، هل تعرفتم ، هيا للدوار “
فور دخول معتز الدوار طلب الانفراد بوالده
” أبي الغالي أنا موافق و بالثلث “
“علي ماذا “
“علي زواجي من سمرا “
ضحك جاد “ألم أقل لك أنك ستوافق ما أن تراها “
و استدعي جاد سمرا
” سمرا لقد جاءك خاطب يخطبك مني “
” يا عمي تعرف رأيي ، لا أريد الزواج “
“ألا صبرت لتعرفي من هو العريس “
“من سيكون ، لا يهم “
“حتي لو كان ولدي معتز “
” معتز المتعلم بالخارج يريد الزواج مني أنا و أنا قد سبق لي الزواج “
” و هل تحسب زيجتك الاولي هذه يا بنية ، ثم إن معتز لا يريد الزواج الا من بنات بلدة ، و هل هناك من تصونه و تراعيه مثلك يا صغيرتي “
وافقت سمرا و تم الزواج لم يهنها معتز أبدا لم يرفع يده عليها وقف بجوارها إلي أن أنهت دراستها و تخصصها ، تخصصت أمراض نساء و افتتحت عيادة في البلدة و عمل هو بالجامعة في قسم الابحاث النووية و عاشت سمرا حياة هانئة عوضها الله فيها عن كل ما قاسته من عذاب و شقاء لكن لم يكتب الله لها الانجاب و عوضت ذلك بالمساعدة في العناية بالأيتام و كفلت طفلتين صغيرتين في دوار العمدة لمده خمسة سنوات صبرت فيها و احتسبت مع أن أمنيتها كانت أن تري طفلا يجمعها بمعتز عرضت عليه أن يتزوج لينجب لكنه رفض فإما أن تكون هي أم أولاده و إلا فلا ثم أنه راضخ لإرادة الله فلا عيب لديه أو لديها يمنعهما من الانجاب فلماذا العجلة
و لقد جازهما الله علي صبرهما خير جزاء و حملت سمرا و أنجبت فتاه أسماها معتز نور

إرسال تعليق

0 تعليقات