تناقضات


أيها السادة دعونا نتفق على أمر ما … القلب هو عبارة عن عضلة تضخ الدم لجميع أنحاء الجسم وهذه العضلة هي من تبقيه على قيد الحياة..

ولكن بعد هذا الكلام العلمي، من هو المسؤول عن الحب هل هو العقل؟ ولكن العقل هو أبعد عضو في الجسم عن الحب لأن الحب ببساطة هو إلغاء لدور العقل وقلة قليلة من تحب بعقلها

الحب سادتي الكرام ماهو إلا مشاعر تغزونا دون تخطيط او تفكير وفي كثير من الأحيان يكون سبب في هلاكنا وقليلاً ما يكون سبباً في سعادتنا

عند الحب ننسى من نحن وماهي المبادئ التي سرنا عليها … يصبح المحب غايتنا الأسمى ورغبتنا الأولى والأخيرة

ولكن أذا كان حب ثم اكتشفنا أنه لم يكن سوى وهم …وهمٌ قاتل ينهكنا وينتهك قلوبنا …فهل يا ترى سوف ننجو أم نغرق وبعمق، حتى النهاية

عيد الحب

ما بين حبٍ وحبٍ أحبكِ أنتِ

اقترب منها وهو يغلق أزرار أكمام قميصه ويدندن كلمات هذه الأغنية بينما كانت تقف هناك أمام المرآة الطويلة في منتصف الغرفة تتمايل بقميص نومها الأحمر الذي ماثل لون الغرفة … غرفة نومها غرقت باللون الأحمر بسبب تلك الورد التي ملأت المكان والستائر التي تحولت للأحمر حتى سريرها اكتشى بمفرشٍ احمر

ابتسمت بخجل وهي تراه قريباً منها جدا

رفع أحد خصلات شعرها عن وجهها ويده تلامس خدها الذي غرق بلون الخجل: “لماذا تبتسم روحي؟”

وضعت يدها فوق يده ومالت برأسها تستند على كتفه ” كل هذا الجمال وكأني اسكن احد القصور القديمة وتسألني لماذا ابتسم” واعيش حكاية اسطورية

ضحك بسعادة لتلك الجميلة التي رزق بها والتي كانت كألهة يونانية في جمالها وهذا الثوب الاحمر زادها انوثة رغم طفولتها التي يعرفها جداً حيث اصطبغت  وجنتيها بحمرة الخجل

قال لها ” جوري أنت وردتي الجورية التي تستحق كل شيء جميل في الحياة”

قبلت يده بحنان وامتنان ” لا حرمني الله منك فادي”

احتضنها بقوة وحب ” ولا منك يا حبيبة قلب فادي”

ابتعدت عنه بتوتر تحاول ان تداري ارتباكها كل الذي تصاعد كلما وصلا الى سيرة الحب

قالت بإرتباك “الغرفة اصبحت جميلة جدا”

فهمها على الفور اذ من يمكنه ان يفهم ارتباكها وخوفها غيره وهو الذي يعلم أنها تحبه ومتأكد من ذلك لكن مع هذا بقي شيء واحد وهو أن تتأكد هي من حبها له وأن تعترف لنفسها أن ماكانت تعيش فيه فيما مضى ما هو إلا وهم …

أعادها لمستوى يديه ” جوري حبيبتي لا بأس لا تهربي مني لقد وافقت أن اتحمل حتى يشفى قلبك وسوف يشفى”

ابتسمت له بارتباك فمد يده يمسح ارتباكها عن شفتيها الشهيتين ” جوري، جوريتي لا تحزني حبيبتي ودعينا نفرح فاليوم عيد الحب ،،عيدكِ أنتِ يا جوري”

ابتسمت له فها هو رجلها حاميها منقذها وزوجها يقف أمامها بكل روعته ولكن متى سيكون حبيبها لا تعلم …نفضت عنها هذه الأفكار مؤقتاً واقتربت منه تأخذ من يده الزر الذهبي تضعه في اكمام قميصه وهو يراقبها بحب لا يخفى على أحد

رفعت رأسها بعد دقائق ” لقد انتهيت”

ربت على شعرها ” سلمت يداك يا جميلتي”

عدلت له طرف قميصه ” هل أنت مستعد لحفل اليوم”

ابتسم بثقة شعت في وجهه ” على أتم الاستعداد، سيكون منصب المدير من نصيبي اليوم جوريتي”

ابتسمت لثقته وأيمانه بقدراته ” وأنا واثقة من ذلك”

قبل خدها ثم سار إلى الخزانة ليأخذ منها سترته ” ارتدي الفستان الأسود اليوم جوري أريدك ملكة في الحفل فأنت زوجة الرئيس القادم للشركة”

ضحكت واومأت برأسها ” سأكون مستعدة جيدا ولكن سأذهب للسوق أولاً”

هز راسه لها بالموافقة ” انتبهي لنفسك حبيبتي …نلتقي مساءا”

سارت هائمة بين المحلات الكبيرة لا تدري ماذا تريد او لماذا خرجت من البيت كل ما تريده هو ان تعرف ماهية علاقتها بزوجها فهي تحترمه وتشتاق إليه وتهتم لأمره ولكنها لا تحبه،، لم تصل لمرتبة الحب معه فما زال جرح  ذلك البعيد الذي أخذ مشاعرها وغادرها طاغياً وموجعاً… لقد تركها جسد بلا روح وما ان تعرفت على فادي بدأت تتغير،، تضحك تفرح ثم حين صارحها بحبه ورغبته بالزواج ترددت، تاهت ضاعت ولكنها قررت في النهاية أن الصراحة هي الوسيلة الأنجح لأي علاقة حتى لو كانت صراحة مؤذية وأحيانا موجعة … وهكذا كان.. وقد تقبل فادي جيداً أعترافها بأنها تعاني من قصة حب فاشلة، قصة حب لا تعرف كيف بدأت ولا كيف انتهت ولا لماذا انتهت ولكنها ما زالت تحب ذاك البعيد الغريب

تتذكر كلمات فادي عندما خيرته بالذهاب بعد اعترافها حين قال لها “جوري أنا لم اعترف لك لكي انسحب وأنا أعلم أن كل انثى تعيش قصة حب في حياتها منها الفاشلة ومنها الناجحة ولكن القدر وضعك لي لأكون الفائز بك …كوني معي وسنواجه ظلال ماضيكِ معا ونمضي للحب سويا”

مسحت طارف عينها من تلك الدمعة التي كانت تنذر بالسقوط ولكنها لم تنتبه في خضم أفكارها أنها كانت تمشي في السوق بين الناس حتى اصطدمت بأخر شخص كانت تتوقعه في الحياة “جوري؟!”

“مروان “-

نطقا في نفس اللحظة بين صدمة وحنين منه وخوفٍ وتوجسٍ منها

وقفت بصدمة تراه بعينيها الدامعة بهيبته الطويلة وشعره الأشقر وتلك العينين الخضراوين اللتان طالما سحراتها بلونهما الغريب الفريد من نوعه

ابتسم لها بحنان وشوق كبير “جوري كيف حالك؟”

ابتلعت غصة في قلبها وحاولت أن تبدو طبيعية وهي تجيبه “بخير شكرا لك”

اختصر المسافة بينهما وهو يقترب منها “هل أنت بخير ؟”

ابتعدت قليلا وهي تدعي ترتيب تنورتها “نعم بخير .. ماذا تفعل هنا؟”

تنهد بتعب والابتسامة لا تفارقه “لقد انتقلت حديثا لهنا وربما استقر ..أنت ماهي أخبارك؟”

اومأت بتفهم “أنا بأفضل حال”

تنحنح بارتباك “هل يحق لي دعوتك لفنجان قهوة لبضع الوقت، هناك حديث ما زال عالقاَ بيننا”

همتبالرفض وحين قرأ ذلك على وجهها عاجلها بالقول “ارجوك جوري لا ترفضي عشر دقائق ارجوك”

اومأت على مضض وسارت معه نحو المقهى،،، قارنت بين طولها وطوله … كان طويل القامة أكثر من المعقول مقارنة بقامتها القصيرة…. وبينما هي تقارن طولهما قفز لعقلها فادي وفارق الطول البسيط بينهما وتذكرت ما يقوله دائما ” لست محتاجا للأنحاء نحوك رغم أنك تستحقين ولكن أن تسيري معي جنب لجنب أشعر بك كأنك قطعة من روحي تسير بقربي رأسها قريبا من رأسي هذا يمنحني أحساس أكثر من رائع”

ابتسمت لذكرى تلك الكلمات ،،، ولكن ما الذي يحدث؟ ها هي في حضرة من تحب…. من سرق عذرية قلبها وتفكربزوجها الذي لطالما أخبرته أنها لم تصل بعد لمرحلة الحب معه!

نظر إليها ورأى ابتسامتها وعينيها تلمع فظن أنها تبتسم لذكرى حبه الذي اتخم قلبها يوما ما ….ابتسم بغرور اعتاد عليه

دخلا المقهى واختار أحد الطاولات فجلست وهم بطلب لها وله وما أن غادر النادل حتى ابتسمت بسخرية “لماذا طلبت عني ومن قال بأن أرغب بالقهوة السوداء”

ابتسم لها بغرور وتكبر لا يخفى عنها ” أنا اعلم ما تفضلين فكل ما افضله تفضلينه أنت جوري”

صمتت قليلا دون أجابة حتى عاد يسألها ” كيف حالك؟”

أجابته باختصار ” بأفضل حالاتي … لماذا انتقلت الى هنا؟”

ابتسم بخفة ” الشركة نقلت مقرها إلى هنا فقررت الانتقال معها”

عادت السخرية لشفتيها وهي ترد عليه ” كالعادة المال والمال فقط”

“لا تسخري جوري أنت تعلمين أن المال يجعلنا اقوياء نتحكم بكل ما نريد “

عادت الابتسامة الساخرة تعتلي شفتيها …

همت بالحديث ثانية حين استوقفها قدوم النادل بالقهوة التي طلبها مروان … وضع النادل فنجانها فأبعدته وهي تطلب بأناقة ” هل يمكن أن تستبدل فنجاني بفنجان قهوة تركية؟”

اومأ النادل وغادرهما  حتى يعود بطلبها ….

” حسنا حسنا لدينا انسة أصبحت تتخذ قرارتها بنفسها “

كان ذلك صوت مروان الساخر ويديه التي تصفق بخفوت والابتسامة تعلو شفتيه

عادت بظهرها تستند لكرسيها وهي تجيبه ” أو دعنا نقول لدينا سيدة هنا واعية لا تسمح لأحد التحكم بها”

نظر بعينها بدهشة وسرعان ما هبطت عينيه لأصابع يدها اليسرى حيث يتألق ذلك الخاتم الذهبي في بنصرها، يلتف حول أصابعها بأناقة مشكلا زهور متتالية …شعر وكأنه يلتف حول عنقه،،، حبيبته الصغيرة متزوجة …غصت الكلمات في فمه وجف حلقه وهو يسألها بحذر “تزوجتي ؟”

نظرت لخاتمها الذي اختاره فادي لها وتذكرت كلامه ” خاتم يحمل حلقات تشبه الورد هو ما يليق بك جوريتي”

ابتسمت للذكرى ومدت أصابع يدها الأخرى تداعب الخاتم …نظرت إليه وأجابته ببرود ” منذ عام ونصف فقط”

حاول أن يعود بتركيزه وغروره ولكنه فشل مرت خمس دقائق وهو صامت حتى عاد النادل بطلبها وما أن غادر مرة أخرى حتى عاد مروان لجموده وجبروته وهو يسأل بهدوء ” منذ متى تشربين القهوة التركية أعلم انك لا تحبينها”

ابتسمت بخجل ” أنه زوجي يفضلها وجعلني أفضلها ايضا”

ارتشفت من فنجانها قليلا ” وأنت ماهي أخر أخبارك؟”

وضع يديه على الطاولة يستند إليها يراقبها وكأنه صقر يريد الانقضاض على فريسته ” على حالي … ماذا يعمل زوجك؟”

أجابته “مهندس الكتروني”

همهم بصمت ” جيد جدا وبكم يكبرك”

عادت تجيب ” بعامين”

ضحك بقوة ضحكة مليئة بالسخرية والحقد ” عامين جوري؟ كيف قبلتي الزواج به هذا يعتبر ولد”

اقتربت من الطاولة تستند عليها وهي تجيب بشراسة ” ربما يكون الولد أفضل من ألف رجل سيد مروان”

نظر مطولا لها وهو يركز في عينيها وشعرها الذي اصبح قصير بخصلاته الحمراء التي امتزجت بالأسود فكون لوحة فنية جميلة …سمارها الخفيف وعينيها الواسعة ” أرى أن القطة التي ربيتها على يدي أصبحت نمرة”

ابتمست له ” ولمَ لا الجروح تصنع الأنسان والخيبات أيضا والخذلان يقويه سيدي”

أعاد وجهه الساخر ” ولكن السؤال هل هي نمرة فقط في الكلام أم في أشياء أخرى”

هربت الدماء من وجهها وهي تراقب وقاحته وكلامه ولم تجب بينما هو يتابع ” هيا جوريتي اخبريني هل الولد راضي عنك وعن علاقته معك”

وقفت تلملم أغراضها وهي تقول بغضب جلي ” شكرا لقلة أدب وبالمناسبة هذه أمور لا تعنيك اهتم بشؤونك مروان”

سارت بقوة حتى امسك يدها ..نفضت يدها عنه ” ابتعد عني”

“حسنا سوف ابتعد اجلسي”

اجابته بعنف ” لا لا اريد”

” جوري اجلسي ولا تجعلي غضبي يفور ويغلي “

عادت للجلوس فهذه فرصتها الوحيدة لتعرف لماذا تركها ولماذا رمها فتات امرأة ” اريد جواب واحد فقط لماذا فعلت ذلك لماذا احببتني ثم تركتني هذا على فرض أنك احببتني”

شرب قليلا من فنجانه وهو يجيبها ” لقد احببتك ولكن أسف لا استطيع ان أقول لك أسبابي”

ضحكت بسخرية وبصوت عالي وهي تقف من جديد ” شكرا لقد وصل الجواب والآن بالأذن ..فرصة غير سعيدة”

باغتها بالسؤال ” هل تحبينه؟”

نظرت لها بدهشة،، سؤاله جعل قلبها يخفق بقوة بينما كانت تظن أنها تحب هذا الأنسان ولا تحب زوجها والآن لا تشعر سوى بالاشمئزاز منه والغباء من فكرة أنها احبته في يوم من الأيام نظرت بشدة وبرعب نحو الفراغ.. يا الهي انها تحب فادي وما هذا إلا وهم عاشت به لسنة ونصف

اعادها للواقع وهو يسال ” هييي ماذا جوري هل السؤال صعب أو ربما انا ما زلت بينكما”

ابتسمت بسخرية ” هذا ليس من شأنك ولكن مع هذا اسمع نعم أنا احبه لا احبه فقط بل اعشقه”

ثم تركته وغادرت كانت تشعر بأنها سوف تتهاوى في أي لحظة،، الشعور بالاستفاقة مميت،، ان تشعر بأنك كنت في غيبوبة ثم نهضت لترى الأمور بشكلها الصحيح كم هذا شعور مؤلم،، لقد ظلمت فادي جدا كم تحملها …كم كان بقربها .. كم احبها بينما هي في المقابل لم تعطه اي شي كانت زوجة ومخلصة ولكن روحها كانت هائمة حائرة لقد عاشت في تناقضات معه،، تحبه ولكنها لا تعلم،، تعيش متناقضة الروح والقلب

والآن ترى بقلبها الأشياء وتستطيع أن تطلق المسميات الصحيحة وتضع الأمور في نصابها … هي تحبه لا بل تهيم بحبه ..ومروان لم يكن إلا نكسة سيئة في حياتها

أمضت طول الطريق وهي تستحظر ذكرياتها مع مروان كان يخجل بها لا يخرج بها للعالم أبدا بحجة أن الحب يجب أن يكون بين اثنين لا عشرة أما فادي فقد كان يفتخر بها وبمعرفته لها ويستغل كل مناسبة ليقدمها للناس والمجتمع …ذاك المروان لقد كان يخونها وهي كانت مغمضة وكأنها منومة مغناطيسيا ففي ذلك اليوم الذي كشفت خيانته أجابها ببساطة هذه مجرد صديقة وهي من تقربت مني بينما فادي كان صريح

بالجميع ولا يخبئ شي،، لقد كان كتاب مفتوح كما كانت هي

كل تلك الذكريات صعدت لعقلها مرة واحدة.. معاملته لها وكأنه سلطان زمانه وطريقة استعباده لها كل ذلك نسيته وتذكرت حبه …. كيف عاشت بهذا الوهم ؟

كيف اضاعت من عمرها سنة ونصف في تشوشوقد كان من الممكن أن تكون تلك الايام الأجمل في حياتها؟

كيف لها أن تظلم شخص كفادي ؟

كيف وكيف وكيف ؟

استمر هذا السؤال يتردد بعقلها وعينيها تنذران بالدموع ورأسها يكاد ينفجر …

وصلت المنزل .. دخلته كالميتة الفزع بان على ملامحها  …تحمل كعبها بيدها تسير حافية من شدة التعب الذي ألم بها

اوقفتها همسته القلقة ” ما الأمر عزيزتي لماذا منظرك بهذا الشكل؟”

صمتت لا تعلم ما تجيب ..ماذا تقول له ..*أسفة لقد كنت زوجة غبية وأنا أحبك*

اقترب منها أكثر وهو ينظر لها برعب ” جوري أجيبي مابك حبيتي؟”

كانت كلمة حبيبتي منه القشة التي قصمت كل شئ… بدات نوبات بكائها ترتفع وفادي ينظر لها بقلة الحيلة حتى نطقت من بين دموعها “فادي”

اقترب منها ” عيونه”

اجابته بنبرة باكية وكأنها طفلة معاقبة ” هل يمكنك أن تحتضني قريبا من قلبك وبين ضلوعك”

اقترب أكثر منها حتى تخالطت أنفاسها الباكية مع تنفسه الغير منتظم بفعل الخوف عليها ” جوري أنت بخير ..هل أطلب لك طبيب”

هزت رأسها بعنف وشعرها يتطاير حولها ” أرجوك فادي فقط ضمني لك..أشعر بالبرد أريد دفئك” “

كانت هذه أقسى درجات تحمله فهذه هي المحبوبة تلجأ له …تطلب حضنه ملاذا لها …ترغب بدفئه وحنانه …

اخذها بين ضلوعه يحاول أن يهدأ من ارتجافها الذي زاد عندما سكنت أحضانه وعلا صوت بكائها ودموعها التي كانت تنزل كالنار على قلبه …ربت على شعرها وظهرها يحاول أن يهدأ من روعها ورعبها البادي عليها….

مرت دقائق وهي على وضعها حتى هدأت وأصبحت أنفاسها هادئة أبعدها عن احضانه وهو يتأملها ويمسح دموعها عن وجنتيها ” لم يخلق بعد من ينزل هذه الدموع”

اومأت له بصمت حتى أعادها لأحضانه مرة أخرى وهو يربت عليها كأنها طفلته ” هل تحتاجين للراحة قليلا أو ربما حمام دافئ”

أجابته بصوت متعب من كثر البكاء ” لا حمام يجب أن استعد للحفل”

“انسي الحفل جوري لن تحضريه وأنت بهذه الحالة ” ابتعدت عنه بعنف قليلا وهي تجيب باعتراض ” لا سأذهب ساعة واحدة وسأكون جاهزة” “

وغادرت بسرعة نحو غرفتها تستعد فالقادم أهم لحياتها وحياته …………

اقتربت الساعة من الثامنة …. في تلك القاعة حيث تقام الاحتفالات كان المهندسيين من كافة الأقسام رؤساء الاقسام وأصحاب الشركة … ومندوبين من مناطق أخرى … كان حفل ضخم للاحتفال بذكرى الشركة وبعدها تعيين مدير جديد للموظفين ….

دخلت تتأبط ذراعه كأنها ملكة بثوبها الأسود الذي اختاره كي يناسب طقمه الأسود ولكنها قررت أن تكسر سواد فستانها بعقد من اللؤلؤ الأحمر الذي ناسب خصلات شعرها

كانت متوهجة ليس فقط بسبب ثوبها بل روحها هي المتألقة …روح امرآة عاشقة لرجلها … امرأة ولدت من جديد …يسكن حب زوجها كل خلية من خلايا جسمها

كان حفلاً بسيطاً وهادئاً نوعا ما أعاد لروحها السلام والدفئ …… ويد فادي التي لم تفارق يدها اعطتها دعماًوأملاً جديداً

اقترب منها يهمس في أذنها “أنت بخير ؟”

ابتسمت له وهي تعاود الهمس “بأفضل حالاتي”

هم بالحديث إليها حتى قطع كلامه صوت أحدى أصحاب الشركة وهو يقول ” سيداتي سادتي أرجو الانتباه …نحن هنا للاحتفال في ميلاد شركتنا هذه ولكن الاحتفال لم ينتهي هنا فقط … بل أيضا يسرنا أن نعلن أن المهندس فادي صلاح مدير للموظفيين في شركتنا …نتمنى له عمل أفضل وحياة أجمل” ..

علا التصفيق من كل جانب بين مهنئ له ومبارك لجهوده حتى اقتربت منه جوري تحضنه بحب وهي تبارك له وهو يبادلها حضنها الخجول أمام الناس ….

عاد الرجل ليتحدث ” أرجو من السيد فادي أن يتفضل للمنصة للحديث”

ابتعدت عن جوري وهو يطبع قبلة على جبهتها وعدل من وضع جاكيته الأسود وسار بين الحضور كأنه ملك متوج أو نجم هوليودي يستعد للحصول على جائزة الأوسكار….

موصل للمنصة بعد أن القى التحية على مدير الشركة وشركائه وبينما يهم للحديث بألقاء المساء حتى كانت جوري تتبع خطواته وتصعد للمنصه بقربه

كانت نظرات الصدمة تعلو وجوه الجميع فكيف وصلت إلى هنا ووقفت قربه ولكنها لم تهتم جل اهتمامها على فادي وصدمته المترقبة ليعرف ماذا تريد من هذه الحركة

اومأت له وهو فهم ماذا تريد فأفسح لها المجال حتى تقترب من الميكرفون … حتى صدح صوتها الناعم في أنحاء القاعة ” مساء الخير …لمن لا يعرفني أنا زوجة المهندس فادي … ربمت تستغربون صعودي إلى هنا ولكن احببت أن أصعد لأبارك لزوجي منصبه الجديد وأخبره أمام العالم أجمعه كم أنا فخورة به وبزواجي منه …فهو من علمني الحب وعلمني المواجهة واعطاني القوة في اكثر حالاتي ضعفاً…….. …

أريد أن أقول اليوم كم أنا فخورة به وكم أنا أحسدكم لانكم تمتلكون مديرا مثله”

نظرت إليه وهي واثقة أن نظراته ستكون مصدومة من كلامها واعترافها للملأ بحبها له ابتسمت بأغواء له وتابعت ” حبيبي وزوجي وسندي في هذه الحياة مبارك لك المنصب”

ابتعدت عنه للعودة لمكانها حتى صدح صوت من الحضور “يارجل قبلها ” وتعالت معه أصوات الحضور تطالبه بتقبيلها

ضحك فادي بتوتر واقترب منها مقبلا أياها من خدها هامسا لها ” هناك قبلة أخرى في مكان أخر عندما نعود للبيت حبيبتي”

تودرت بخجل واومأت بصمت وعادت ادراجها …بينما فادي تابع كلامه للحضور عن اختياره للمنصب وخطواته القادمة ………….

كانت تلك الحفلة من أجمل وأغرب الحفلات التي يمكن لفادي أن يحضرها كان قلبه يقفز من السعادة روحه تهيم بتلك الجورية عشقا فوق عشقه لها

كلماتها وثقتها بحبه تجاوزت عنان السماء …. هو الآن يراها كما تمناه دائما حبيبة وزوجة وصديقة وكل المسميات التي ممكن أن تطلق لأنثى مثلها ….

****

وصلا البيت بروح جديدة ونبضات سعيدة… زوجة أخيرا عرفت حبها لمن….. وزوج سعيد  حصل على قلب زوجته

ما ان همت بالدخول حتى أمسكها من خصرها ” إلى أين تظنين نفسك هاربة”

ضحكت بقوة وسعادة وهي تفرد يديها على صدره تستشعر دقات قلبه ” وهل هناك مجال للهرب منك عزيزي”

حرك حاجبه بعلامة الرفض وهو يأخذها بحضنه ” أبدا أبدا … والآن اعترفي ماذا حدث؟” “

صمتت قليلا ولكنها تشجعت فهاهي تعود له من الجديد بالصراحة ولا شيء غيرها قالت بخفوت ” لقد رأيته اليوم”

تصلب جسده وقد فهم من تعني … قد رأت ذلك الرجل الذي طالما كره طالما أخذ روح محبوبته …صمت ليسمعها للأخر فهو اعطاها وعد في أحد الأيام ان يسمعها وسوف يلتزم به بينما هي تتابع ” أنا أسفة فادي لكن رؤيته كانت كالصفعة لي فقد استفقت على حقيقة أن حبي كان لك وروحي تهيم بك …لقد كنت كالمغيبة وهو أفاقني من هذه الغيبوبة .. أنا اسفة لحماقاتي ولعذابك.. أسفة لأجل كل شيء”

اخذها بين أحضانه يستشعر دفئها للمرة الأولى كحبيب لها وعاشق لكيانها كله …فماذا يقول بعد هذا الكلام وبعد كل ما قيل …فقد صمت الكلام عن الكلام ولم يبقَ إلا لغة العشق …لغة المحبين ……

إلى رجل علمني ماهو الحب …

إلى رجل كان صديقي وحبيبي وكل عائلتي …

إلى رجل امتلك روحي وامسك بيدي في ضعفي قبل قوتي …

إرسال تعليق

0 تعليقات